کد مطلب:370098 یکشنبه 11 تير 1396 آمار بازدید:1107
حذیفة و عبد اللّه بن مسعود
78- و سأل عن ابن مسعود و حذیفة؟ فقال: لم یكن حذیفة مثل ابن مسعود (1)
______________________________
أم عبد، و سخطت لها ما سخط لها ابن أم عبد[510].
و كان خفیف اللحم قصیرا شدید الادمة، یكاد طوال[511] الرجل یوازیه جلوسا و لی القضاء بالكوفة و بیت مالها لعمر و صدرا من خلافة عثمان، ثم صار الى المدینة فمات بها سنة اثنین و ثلاثین، و دفن بالبقیع، و له بضع و ستون سنة.
حذیفة بن یمان أبو عبد اللّه العبسی من عظماء الصحابة و من الاركان الاربعة فی الاستقامة مع علی علیه السّلام بعد رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله على قول، و قد أسلفنا ترجمته و ما ینبغی أن یذكر فی معناه[512].
و الیمان اسمه حسیل بن جابر بن ربیعة العبسی، حسیل بضم الحاء و فتح السین المهملتین و اسكان الیاء المثناة من تحت و اللام أخیرا، حالف بنی عبد الاشهل فسماه قومهم یمان، لأنه حالف الیمانیة، فحذیفة یعد من حلفاء الانصار.
و خرج حذیفة هو و أبوه فأخذهما كفار قریش فقالوا: انكما تریدان محمدا فقالا: ما نرید الا المدینة، فأخذوا منهما عهد اللّه ان لا یقاتلا مع النبی صلّى اللّه علیه و آله و أن ینصرفا الى المدینة.
فأتیا النبی صلّى اللّه علیه و آله فأخبراه و قالا: ان شئت قاتلنا معك قال: بل نفی و نستعین اللّه علیهم ففاتتهما بدر، و شهد حذیفة أحدا و ما بعدها، و مات بعد قتل عثمان بأیام یسیرة بعد أن بایع أمیر المؤمنین علیه السّلام و هو بالكوفة و علی علیه السّلام بالمدینة و قد بویع له.
قوله رحمه اللّه تعالى: لم یكن حذیفة مثل ابن مسعود
لان حذیفة كان ركنا بضم الراء و اسكان الكاف قبل النون، أی كان ركنا من
لان حذیفة كان ركنا و ابن مسعود خلط و والى القوم و مال معهم و قال بهم، (1) و قال أیضا:
______________________________
الاركان الاربعة بالاستقامة فی موالاة علی بن أبی طالب علیه السّلام و متابعته و مطاوعتة ایاه بعد رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله، و هذا أحد القولین، و قد نقله الشیخ رحمه اللّه تعالى فی كتاب الرجال[513]
و القول الاشهر أن رابع الاركان عمار بن یاسر مكان حذیفة بن یمان رضی اللّه تعالى عنهما.
قوله رحمه اللّه تعالى: و ابن مسعود خلط و والى القوم و مال معهم و قال بهم
«خلط» بتشدید اللام من التخلیط، «و والى القوم» أی أظهر موالاتهم، «و مال معهم» أی حاص معهم عن طریق الحق، و حاد عن سواء السبیل، كما حاصوا و حادوا «و قال بهم» أی أذعن لهم و انقاد فی ظاهر الامر.
و قد ورد الاخبار و صح أن ابن مسعود قد رجع عما وقع منه و تندم و تظاهر بالتندم علیه.
و من ذلك ما رواه الحاكم صاحب المستدرك على الصحیحین و شواهد التنزیل و الحافظ أبو نعیم صاحب حلیة الاولیاء و ابن عبد البر صاحب الاستیعاب و أبو بكر ابن مردویه و أبو عبد اللّه بن السراج و رهط غیرهم بأسانید معتبرة عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال النبی صلّى اللّه علیه و آله یا بن مسعود انه قد نزلت فی علی آیة «وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِیبَنَّ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً[514]» و أنا مستودعكها و مسم لك خاصة الظلمة، لكن لا أقول و اعیا و عنی له مؤدیا، من ظلم علیا مجلسی هذا فهو كمن جحد نبوتی و نبوة من كان قبلی.
فقال له الراوی: یا أبا عبد الرحمن أسمعت هذا من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله؟! قال:
نعم قلت له: كیف؟ و أتیت الظالمین، قال: لا جرم جلیت عقوبة عملی و ذلك أنی
..........
______________________________
لم استأذن امامی كما استأذنه جندب و عمار و سلمان و أنا أستغفر اللّه و أتوب الیه[515].
و لهذا الحدیث طرق متظافرة عن غیر ابن مسعود من طریق ابن عباس و من طریق عمار بن یاسر و من طریق أبی ذر و من عداهم من كبار الصحابة رضی اللّه تعالى عنهم، قد أوردناها و نقلناها عن العامة و الخاصة فی كتاب شرح التقدمة.
و «أتیت» من المواتاة بمعنى المجازات و المماشاة و المساعفة و المساعدة.
و «جلیت» بضم الجیم و تشدید اللام المكسورة على البناء للمفعول، و أصله جلّلت بلامین مشددة مكسورة و أخرى بعدها ساكنة فاجتمعت ثلاث لا مات فقلبت الاخیرة منها یاء، كما فی التظنی و التقضی و مشاكلتهما.
و «عقوبة عملی» منصوبة على أنها منزوعة الخافض.
و المعنى: غطیت بعقوبة عملی فشملتنی و عمتنی عقوبة ذلك، كما یشمل الثوب البدن و یغطیه و یعمه.
قال فی أساس البلاغة: و جلّله غطاه، و تجلّل بثوبه تغطی به، و من المجاز تجلّله الهم و المرض[516].
و فی الصحاح: و جلل الشیء تجلیلا أی عم، و المجلل السحاب الذی یجلل الارض بالمطر أی یعم، و تجلیل الفرس أن تلبسه الجل، و تجلله أی علاه، و تجلله أی أخذ جلاله[517].
[511] اى الطويل من الرجال قال في القاموس: طال طولا بالضم امتد كاستطال فهو طويل و طوال كغراب و هى- اى يقال للمؤنث طويلة بالهاء- بهاء« منه» 4/ 9
[512] أى في شأنه و أمره أو معناه اللغوى
[513] رجال الشيخ: 37
[514] سورة الانفال: 25
[515] شواهد التنزيل: 1/ 206 رواه عن طرق مختلفة، و الطرائف: 36 و البحار 38/ 155
[516] أساس البلاغة: 98
[517] الصحاح: 4/ 1660